جــــروبــى
جاكومو جروبي (بالإيطالية Giacomo Groppi ـ 1863 - 1947), سويسري جاء إلى مصر في ثمانينيات القرن التاسع عشر. أنشأ مع ابنه مطعمًا ومتجرًا لبيع الحلوى يحملان اسمه في وسط القاهرة, أحدهما بميدان طلعت حرب (سليمان باشا سابقا), والآخر بشارع عدلي. تضاعف النجاح بعد أن افتتح محلين أصغر وأكثر بساطة يقدم فيهما الشطائر والحلوى والمشروبات وقوفا على الطريقة الأمريكية, كما لم يكتفي جاكومو بالمحلاّت الأربعة فكان يعمل على توصيل طلبات خارجية مثل إقامة الولائم في بيوت الوزراء والكبراء.
لم يكن جروبي مجرد مطعم ومقهى على الطراز الفرنسيّ, وإنما جاء كمشروع ثقافي يرسي ذوقا وتقاليد جديدة, حيث أعتبر مركزا من مراكز الحداثة, فكان يقيم العديد من الحفلات الراقصة, ويستقدم الفرق الموسيقيّة, ويعرض في حديقته الخلفيّة عددا من الأفلام السينمائيّة. أدخل جروبّي إلى مصر للمرة الأولى أنواعا جديدة من الشيكولاتة والعصائر المركزة والمربى والجبن, وكرات مثلجة من الحليب والشيكولاتة وعصير الفواكه, وأنواع جديدة من الحلوى كانت اسمائها جديدة وقتها: كريم شانتي, مارون جلاسيه, جيلاتي, ميل فوي, إكلير, بُول دي شوكولاه, وغيرها. و تم تصوير العديد من الافلام العربيه بالمحل اشهرها "العتبة الخضرا" و"يوم من عمرى" و"عمارة يعقوبيان"، و"صايع بحر" ومسلسل "جمهورية زفتى"
من خارج المطعم تظهر العلامة التجارية "جروبى" بحروف عربية وأخرى لاتينية تجعل من يراها يدرك أنه أمام محل ذو طابع خاص، وليس كباقي المحال الحديثة، كما يظهر المعمار الأوروبي لنهاية القرن التاسع عشرة للعمارة التي تعلو المحل، ومن الداخل لايزال يحتفظ المحل ببعض الآثاث القديم الذي يرجع لبدايات القرن العشربن ويعطي أيضاً الأثاث أنطباعاً بفترة السبعينات من القرن الماضى. عند دخولك من باب المحل تجذبك موسيقى "الساكس فون" لتعيش في أجواء هادئة، وبخلاف ما نراه الآن في محال الوجبات السريعة من زى ذى طابع حديث للعاملين، نجد أن العاملين بمحل جروبي محتفظين بملابسهم الكلاسيكية الأنيقة فيرتدوا زياً مكوناً من قميص وبنطلون وسديري وبابيون
بس نسمع الحوار الآتى لو سمحتم ...
- وبعدين ؟
- رجع السواق وقالى المذكور قاعد ف جروبى
- المذكور اللى هوه مين ؟
- معرفش بس روحت جروبى لقيت ابوك قاعد !
- لقيته قاعد فدخلت فيلم لسعاد حسنى
- تسيب ابوك قاعد ف جروبى وتدخل السينما يا عااااطف
- بس وخرجت لقيته مشى !
رمضان السكرى مشى من جروبى صحيح
بس احنا هنقعد شوية عشان نعرف ايه حكاية المطرح دا
واللى بحبه من زمان انا وغيرى !
الحكاية هتبدأ من قارة فوق دماغنا كدا
واسمها أوروبا حيث توجد سويسرا
وف احدى قراها هينولد فتى عادى جدا
تحديدا عام 1863 ينولد جياكومو جروبي
الشهير بـ جاك- قرية اسمها روفيو
في منطقة على الحدود مع إيطاليا من أصل متواضع وبسيط
على سن ال16 كان اتعلم صنع الحلويات وحب الشغلانة
وقرر يسافر على مرسيليا عشان يجرب حظه ف هذا المكان
وهناك اتعرف على بلدياته الأخ جيانولا
جيانولا كان راجل مدقدق ويعرف من أين تأتى الكتف
وغاوى سفر ومغامرات
زار مصر ف وقت مش بعيد
و شاف التغيرات اللى عملها الخديوى اسماعيل وابنه من بعده
وعجبته
وشم كدا بمناخير التاجر الشاطر
ان مصر حاليا ف العهد الجديد
الاجانب فيها ليهم مصالح وشأن كبير هيتصاعد اكتر واكتر
وانها سوق رايجة لأى حد عاوز يعمل بزنس
فنصح الصديق صديقه انه يسافر على مصر
ينشىء فيها تجارة ويعمل شغل
وعليه وعلى القاهرة أو الأسكندرية وهوه وحظه .. !
جياكومو جروبي سمع النصيحة
وراح واخد بعضه
ولامم اللى حيلته وراكب البحر
وعلى شط اسكندرية رسيت السفينة
جروبى الشاب الطموح بعد ما حط رجله على رصيف المينا
ولف شوية ف اسكندرية
افتكرصديقه لما قال الأجانب بعد حفر القناة ملوا البلد
وازاى كان عنده حق
وأجر محل ف احدى شوارع الأسكندرية
والحقه بمصنع صغير ابتدى يبيع فيه الشكولاتة والحلويات
وابتدى الناس يعرفوه ويشتروا منه
فى الوقت دا اتعرف على بنوتة من عيلة بينكالانى
كانت عيلة مأصلة وغنية وعندهم مطعم مشهور
اتدك تحت قصف الأنجليز لأسكندرية عام 1882
جروبى اتجوز البنية واسرتها أحتضنته معنويا وماديا
وساعدته يكبر تجارته ويتنقل من اسكندرية
ويروح القاهرة الساحرة العامرة
ويروح ع القاهرة وجنب الاوبرا الخديوية
يشترى محل عشان يعرف يبيع للأجانب كويس
والمحل معروف حاليا بفرع عدلى
أغلب زباين جروبى كانوا من الخواجات
ويذكر التاريخ انه الراجل دا
هوه اول نفر دخل الكريم شانتى لمصر
الله يرحمك يا حاج
وسط البلد كانت ملتقى عيلة القوم والاجانب
وزوار الاوبرا وغيرهم
غير سكانها اللى على مستوى مش قليل
وأغلبهم كان من رواد المطعم والمحل
الحاج جروبى بعد شوية انضمله ابنه أكيلى
وقرروا يتوسعوا
وضموا حديقة للمحل عشان الناس تفطر فيه وتشرب الشاى ...
ومش بس كدا
دول جابوا فرقة موسيقية كانت بتعزف ف حفلات مسائية
لرواد المكان
وكان الشباب والعائلات
بتحرص على حضور الحفلات دى بأنتظام
وف سنة 1922 عملوا مصنع تلج مخصوص
عشان يلاحقوا عل طلبات المحل
ولحد دلوقتى على فكرة الشغل
كان ف الشكولاتة والحلويات والأكل الخفيف .. بس
اما الأيس كريم ... فظهر بعدها بفترة
لما ابتكروا ف جروبى بسكليتة مخصوص بتصميم متفرد
لحفظ الجيلاتى
فبل كدا كان فيه دندرومة
اللى هيا العصير والتلج المجروش
اما الأيس كريم اللى احنا عرفناه
فانتشر مع البسكلايتة دى اللى كانت بتلف بيه ف الشوارع
وربنا يفتح على جروبى
وابنه أكيلى
فيشتروا الفرع التانى والأشهر
ف ميدان سليمان سابقا طلعت حرب حاليا
ويتميز الفرع الجديد عن سابقه بأكلات جديدة
وبار
و جنينة صغننة ملحقة بسينما صيفى .. !
وسنة 1926 يسافر جروبى الأب
ويسيب التجارة كلها لأبنه اكيلى
اكيلى سافر باريس وشاف اخر التطورات هناك
ورجع وفتح فرح جديد سماه الأمريكين
عشان يكون أرخص ف حاجاته عن جروبى
ورغبة من اكيلى ف انه يبيبع للطلبة والموظفين تيسيرا عليهم
ونشرا لمنتجاته اكتر واكتر
وصحيح الامريكين كانله رواج
بس الأصل كان الأروج .. والاجمل .. وله حكاياته التى لا تنتهى
جروبى كان ملتقى صفوة المجتمع
وأساسى الاجانب طبعا لحد قبل الثورة
وحصلت فيه احداث اغلبها له علاقة بالضباط والعسكر
يعنى نظام تجنيد عملاء ومخابرات
و ضباط انجليز وألمان و كدا
وطبعا مفيش أنسب من جروبى عشان يتواجدوا فيه دون اثارة الشك
جروبى كانت سمعته مسمعة للقصر الملكى
و الملك فاروق مرة طلب شكولاتة مخصوص من عندهم
وانبعتت هدية لبنات ملك انجلترا
وكانت العائلات الكبيرة والباشوات والهوانم بيعملوا بوفيه الحفلات
والأفراح بتاعتهم من عنده ويتباهوا بكدا ويتفشخروا
و اذا ذكر جروبى ... فلازم نذكر الست راقية ابراهيم
وعبوهاب بيقولها عشان تحرمى تاكلى جلاس وتدوبى ف قلوب الناس !
والجلاس دا تفتكروا جاى منين يعنى ... غير من جروبى !!!
الاجانب و اهل وسط البلد ومرتاديها ذكرياتهم عن جروبى جميلة
وطعم الحاجات اللى كانوا بياكلوها زى الجيلاتى والشكولاتة
متهيألى لسه حاضرة ف ذاكرتهم
انا شخصيا ... طعم الكيشون
(الأيس كريم بتاعهم بالكريم شانتيى ومربة اللارنج)
لسه طعمه مغبش عنى مهما عدى زمن
وكلت غيره احلى واغلى
وصحيح هما أدائهم حاليا سىء وأى كلام
بس مين قال ان دا هيمحى طعم الزمن ؟!!
جروبى زى كل الحاجات الحلوة ف وسط البلد
اتعرض للتدمير ف حريق القاهرة
وقعد ورثة جروبى واكيلى يرمموا فيه عشان يرجع زى الاول وأحلى
ولما قامت الثورة عبدالناصر كانت عينه عليه
وعاوز يأممه
وقيل ان ملف جروبى كان من ضمن ملفات المطارح
اللى تحت التأميم
بس المشروع إتأجل خصوصا ان جروبى فضل محتفظ بلمسته
وقدم خدمات للعهد الجديد
وزى ما كان جروبى بيقدم الخدمة للاجانب ولصفوة المجتمع قبل الثورة
قدم كمان خدماته لرجال الثورة
ولما اتنبى السد واتعملت احتفالات جروبى سد فيها
ولما أفتتح السد العالى وحضر روساء من عشرات الدول
جروبى كان حاضر بقوة ... بأعتباره بيت خبرة ف الحاجات دى
وله سمعته فعبدالناصر صرف نظر !
وهوه عبناصر صحيح صرف نظر عن تأميم جروبى
لكن دا ميمنعش انه كان حاطط المكان دا تحت عينه
وعاوز يقصقص ريشه برضو
والرواية هنا على عهدة الراوى
والرواى يبقى مسئول سابق ف اليونسكو
واسمه سعيد ذو الفقار وبيحكى انه كان سنة 61 بيعمل الدكتوارة
والمشرفين كانوا فرنساويين وبيقابلهم ف جروبى
وقعد يتقابل معاهم كام شهر ف جروبى
عادى
لحد ما ف مرة تعب وعييى وسافر اسكندرية للنقاهة
عادى برضو
و بيفتح الجرنال ف يوم .. اتفاجأ
بأن المخابرات جت ف صباح ما وراحت داخلة على جروبى
لامة الأجانب اللى كانوا لحظتها قاعدين فيه هما والمصريين اللى معاهم
بتهمة التجسس .. !!
طبعا اللى انسئل انسئل
واللى اتسجن اتسجن
واللى خرج خرج
واللى مخرجش مخرجش
المهم ان الأخ سعيد تنفس الصعداء انه مرحش يومها
وكان عيان
وربنا ستر
وبيقول انه قعد سنيييييين طوال ميهوبش با نضرى نواحى جروبى
و جاتله عقدة كدا بشنيطة
لحد عبد الناصر ما ربنا افتكره
والسؤال طب عبدالناصر وكان عنده كلكيعة م الاجانب
قوم لما جه السادات المفروض الحال اتغير
لأ محصلش !!
وبقى الهجوم على جروبى وقهوة ريش
عشان يقبضوا ع اليساريين المرة دى !
يعنى الناس لما كانت تحب تقعد وقتها
كانت تروح فين طيب ... !!!؟!
جروبى مكنش مجرد مطعم أو محل حلويات كبير ومشهور وبس
الراجل دا وابنه بنوا مصنع للتلج ف بولاق
وكان عندهم مزرعة ابقار وارض للزراعة مخصوص
كانوا حريصين على جودة المنتجات خصوصا الألبان والتوابل واللحوم
وكل ما يتعلق بمنتجاتهم
وعملوا سينما صيفى
و عملوا حاجات بأسمهم وبس
ويوم الحد كان فيه حفلات للديسكو والدخول بريال
وف يوم الاثنين من 10 صباحاً لـ 12 كان جروبى بيعمل زيارة حرة
لمنشأته الصناعية لأى حد
وف زمن السادات فضل جروبى محتفظ نوعا ما ببريقه ورونقه
وف تفولتى المشردة كان مرواح جروبى هوه مكافأة ماما ليا
بعد لف أربع ساعات دون شكوى
وف راس السنة كان لازم نشترى من عندهم بابا نويل الشكولاتة
وف شم النسيم نجيب الارنوب والبيض الشكولاتة
كانت وقتها دى حاجات يعنى قمة الدلع لأى طفلة مصرية من اسرة متوسطة
الكلام دا ف اوائل التمانينات
بس لما جه مبارك
جروبى مستواه انحدر
الورثة بتوع جروبى
مقدروش يبقوا ف شطارة اهلهم
ويستمروا
وباعوا المحلات بعد معاناة لواحد من كبار تجار الاخوان
اسمه عبدالعزيز لقمة وللأسف ملقتش له أى صور !
الراجل أول قرار خده انه لغى البار اللى كان موجود
وبعدين ابتدت الصناعة تنحدر على ايده واحدة واحدة
و حاليا جروبى ماشى على سطر وسايب سطر
المخبوزات اللى ممكن تلاقيها نوعا ما كويسة وبعض الحلويات برضو
بس الشكولاتة أى كلام بالمقارنة بزمان
وبالمنافسين اللى طلعوا بعد كدا
يعنى الأيس كريم بتاعهم ميتاكلش
مقارنة بأيس كريم قويدر مثلا اللى على بعد خطوات منهم ف وسط البلد
الناس رغم انحدار مستوى الخدمة والمنتجات الا ان الغالبية
بتروح جروبى عشان القعدة الحلوة والذكريات وروايح الزمن الجميل
وانا بحب أدخله
عشان فيه ذكريات جميلة من زمان ودلوقتى
وكل ما أعدى جنبه أدعى على حزب الغد ينخسف
ويروح ف أى عمارة تانية عشان كل ما تحصل حريقة فيه
وما اكثر حرايقه
أخاف على جروبى لينحرق وانقهرانا !
آه كنت هنسى الاخ أكيلى ابن الخواجة جروبى
كان مش بس بتاع حلويات شاطر
لأ دا كان ذواقة بس من نوع تانى
اكيلى جروبى كان غاوى تحف وجمع قطع أثرية
ولم فعلا عدد مش قليل موجود حاليا ف احد المتاحف برا مصر طبعاااا
اكيلى كان حابب الالوان والنمنمة والموزاييك والقطع الدقيقة
ويمكن دا يفسر سبب مدخل فرع طلعت حرب ليه حلو كدا
جروبى
اللى جزء من ذكرياتنا وطفولتنا وشبابنا
ويومنا لو كنت من سكان وسط البلد
لما بتخيل وانا قاعدة فيه كام قصة حب ابتدت وانتهت فيه ؟
بتخيل كام حد بيحب المطرح دا لأنه بيفكره بأيام حلوة
و بتخيل كمان كام حد بيبقى عاوز يمشى بسرعة من جنب المكان دا
لأنه بيفكره بحاجات وحشة ؟!!
كل ما تيجى سيرة جروبى ف مسرحية او اشوفه ف لقطة ف فيلم
قلبى ينخطف لثوانى كدا
و انبسط قوى مع ان المفروض عادى !
وبمناسبة السينما بقى
جروبى كان ملتقى نجوم السينما لحد وقت مش بعيد
وعمال جروبى كبار السن بيفتكروا
ان فاتن حمامة وام كلثوم كانوا بيشتروا منه
وحكوا كمان ازاى ان احمد رمزى كان غاوى يقعد ف جروبى مع اصدقائه
ومرة كان معاه عمر الشريف صديق الدراسة القديم
وشافه يوسف شاهين المخرج العظيم وعجبه
وقرر يعمل منه نجم سيما
و ادعوا لعمكو جروبى بقى ع الفرصة العظيمة دى
واخيرا وليس بآخر
المحل دا شاف أكيد احداث عظيمة
وحواديت كتيرة جواه وبراه بحكم الموقع ف ميدان
يعتبر وبحق من اهم ميادين العاصمة
ودا هيبقاله ان شاء الله
حدوتة تانية ف ليلة تانية
بس ف وسط الدعبسة لقيت واحدة كاتبة
ان الكيشون اللى هوه الأيس بتاع جروبى يبقى اسمه بالفرنساوى
«Trois Petit Cochons» وترجمته 3 خنازير صغيرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق