بحث هذه المدونة الإلكترونية
فضيحه لافون 1954
فضيحه لافون 1954
نشرت صحيفة
إسرائيلية عام 1975 خبرا عن حضور جولدا مائير وموشى ديان حفل زواج فتاة فى
الخامسة والأربعين من عمرها ( مارسيل نينو ).. تنبه أحد الصحفيين للخبر
مندهشا من حضور جولدا مائير وديان حفل زفاف سيدة مجهولة ولا تربطها بهما أى
صلة قرابة ؟؟؟ .. سعى الصحفى لمقابلة العروس وأجرى معها حوارا صحفيا
لتنكشف له أحداث عملية تخريبية فى مصر خطط لها وزير الدفاع الإسرائيلى – فى
فترة الخمسينات – بنحاس لافون وكانت …العملية تسمى ( عملية سوزانا ) وأطلق
عليها الصحفى الإسرائيلى إسم ( فضيحة لافون ) ..
أهمية فضيحة لافون أنها السبب الرئيسى فى تأسيس المخابرات السرية المصرية
برئاسة زكريا محيي الدين ، وبداية ظهور البطل المصرى رأفت الهجان ،
وإستقالة كلا من بن جوريون من رئاسة وزراء إسرائيل وبنحاس من وزارة الدفاع ،
وهجرة اليهود من مصر .
فضيحة لافون / عملية سوزانا ..
بعد أن إتفقت مصر وإنجلترا على كافة بنود الجلاء الإنجليزى عن الأراضى
المصرية وضعت المخابرات العسكرية في الجيش الاسرائيلي خطة للتخريب والتجسس
في مصر تقوم باعتداءات على دور السينما والمؤسسات العامة، وبعض المؤسسات
الأمريكية والبريطانية، على أمل أن تؤدي هذه الأعمال الى توتر العلاقات
المصرية الأمريكية، وعدول بريطانيا عن اجلاء قواتها من السويس.
أرسل
لافون رجل المخابرات الإسرائيلى إفرى إلعاد الشهير بـ جون دارلنج ( طبقا
لروزاليوسف) إلى مصر لتجنيد عدد من الشباب اليهودى ، نجح إلعاد بالفعل فى
تجنيد عدد من شباب يهود مصر المنتميين إلى الوكالة الصهيونية والتى كانت
تعمل في الخفاء علي نقل اليهود لإسرائيل الجديدة وهم الطبيب اليهودي المصري
“موشية مرزوق” والذي كان يعمل في المستشفي الإسرائيلي بالعباسية، وقد ترأس
الشبكة صمويل عازار ومعهما كل من: فيكتور ليفي – روبير داسا – فيليب
ناتاسون – مارسيل فيكتورين نينو – مائير زعفران – مائير ميوحاس – إيلي
جاكوب وتسزار كوهين ، إيلى كوهين .. ثم إنضم إليهم الضابط الإسرائلى ماكس
بنيت والذى كان يتجسس على مصر وقتها و هو نفس الجاسوس الإسرائيلي الذي دبر
تفجيرات في بغداد عام 1951م ضد الجالية اليهودية في العراق لزرع العداوة و
الكراهية بينهم و بين باقي العراقيين لحثهم علي الهجرة إلي إسرائيل…
بداية العملية ..
كانت التعليمات تصل من إسرائيل إلى الخلية التخريبية من خلال راديو
إسرائيل ، وبالتحديد من برنامج منزلى يومى ، وفى أحد حلقات البرنامج (
طريقة عمل الكيك الإنجليزى ) أطلقت إسرائيل كلمة السر ( إختيار ربة البيت )
لبدء العملية
والتعليمات كانت واضحة وصريحة .. تفجير سيارات
الدبلوماسيين والرعايا الإنجليز ، المؤسسات الإقتصادية ، المراكز الثقافية
والإعلامية .
في 2 يوليو 1954 كانت أولي العمليات الإرهابية للشبكة
نجحوا فيها بتلغيم مكتب البريد الأمريكي في مدينة الإسكندرية بطرد صغير
الحجم في البداية مما أسفر عن حريق المكتب وعدد من الضحايا، وفي 14 يوليو
نفذت الشبكة عمليتها الثانية عندما زرعت قنابل حارقة في مقر المكتبة
الأمريكية بالقاهرة والإسكندرية في توقيت واحد مما أدي لحرائق وإصابات بين
العاملين والمترددين علي المكتبتين. . تعاملت الصحافة وقتها مع هذه الحوادث
بإعتبارها ماس كهربائى .
وفي 23 يوليو (إحتفالات الثورة) كان من
المفترض وضع متفجرات في محطة القطارات ومسرح ريفولي بالقاهرة وداري السينما
(مترو وريو) في الاسكندرية، غير أن سوء الحظ لعب دوره وأشتعلت إحدى
المتفجرات في جيب العميل ( فليب ناتاسون ) المكلف بوضع المتفجرات بدار
سينما ريو فأنقذه المارة ولسوء حظه تواجد رجل شرطة في المكان تشكك في
تصرفاته فاصطحبه إلى المستشفى بدعوى إسعافه من أثار الحريق وهناك قال
الأطباء أن جسم الشاب ملطخ بمسحوق فضي لامع وأن ثمة مسحوق مشابه في جراب
نظاره يحمله في يده ورجح الأطباء أن يكون الاشتعال ناتج عن تفاعل كيميائي.
وبتفتيش الشاب عثر معه على قنبلة آخرى عليها أسم “مارون أياك” صاحب محل
النظارات. وتم إعتقاله، وقال أن أسمه فيليب ناتاسون يهودي الديانه وعمره 21
عام وجنسيته غير معروفه، وأعترف بأنه عضو في منظمة إرهابية هي المسئولة عن
الحرائق ، وعثر في منزله على مصنع صغير للمفرقعات ومواد كيميائيه سريعة
الإشتعال وقنابل حارقة جاهزة للإستخدام وأوراق تشرح طريقة صنع القنابل..
وبناء على إعترافات ناتاسون تم القبض على كل من ( فيكتور ليفى ، روبير داسا )
تولى الصاغ ممدوح سالم ( عضو مجلس قيادة الثورة ) التحقيقات..
أصر الثلاثة على أنهم يعملون بشكل فردي دون محرضين أو ممولين، أما الأسباب
فهي “حبهم لمصر ومساهمة في قضيتها الوطنية ولكي يعرف الإنجليز والأمريكان
أنهم سيخرجون من مصر بالقوة والإرهاب!!”.
سألهم ممدوح سالم : لماذا أحرقتم مبنى البريد وهو ملك المصريين ؟؟.. لم يجدوا جوابا!
بمواصلة التحريات تم القبض على صمويل عازار مهندس وهو مؤسس خلية
الإسكندرية وزعيمها لبعض الوقت قبل أن يتنازل عن الزعامة لفيكتور ليفي الذي
يفوقه تدريبا.
ومن أعترافات عازار وصلت السلطات إلى مائير ميوحاس ذو الأصل البولندي
وكان أخطر ما أعترف به ميوحاس هو إشارته إلى جون دارلنج الذى اتضح فيما
بعد أنه قائد الشبكة ومؤسس فرعيها بالقاهرة والإسكندرية وأحد أخطر رجال
المخابرات الإسرائيلية في ذلك الوقت.
كما كشف ميوحاس عن الطبيب اليهودي
موشية مرزوق المسؤول عن فرع القاهرة، وتم القبض عليه ومن أعترفاته تم
القبض على فيكتورين نينو الشهيرة بمارسيل وماكس بينيت وإيلي جاكوب ويوسف
زعفران وسيزار يوسف كوهين وإيلي كوهين ..
هرب إفرى إلعاد من مصر قبل القبض عليه ،وكانت إسرائيل تساورها الشكوك فى تورط إلعاد فى تسليم أعضاء الشبكة للمخابرات المصرية
المحكمة ..
في 11 ديسمبر عام 1954 جرت محاكمة أفراد الشبكة في محكمة القاهرة العسكرية التي أصدرت أحكامها كالتالي:
* الإعدام شنقا لموشية مرزوق وصمويل عازار (تم تنفيذ الحكم في 31 يناير 1955).
* الأشغال الشاقة المؤبدة لفيكتور ليفي وفيليب ناتاسون.
* الأشغال الشاقة لمدة 15 سنة لمارسل فيكتورين نينو وروبير داسا.
* الأشغال الشاقة لمدة 7 سنوات لماير يوسف زعفران وماير صمويل ميوحاس.
* براءة إيلي جاكوب وسيزار يوسف كوهين وإيلى كوهين.
* مصادرة أجهزة اللاسلكي والأموال وسياراة ماكس بينيت.
* وتجاهل الحكم ماكس بينت لأنه كان قد أنتحر في السجن!، وأعيدت جثته لاسرائيل بعد ذلك بأعوام.
في أعقاب المحاكمة حاولت إسرائيل استرضاء مصر للإفراج عن أعضاء التنظيم
،و بعث الرئيس الأمريكي ايزنهاور برسالة شخصية الى الرئيس عبد الناصر يطلب
الإفراج عن المحتجزين “لدوافع إنسانية” وبعث أنتوني إيدن وونستون تشرشل
رئيس الوزراء البريطاني ومسؤولين فرنسيين بخطابات وطلبات مماثلة غير أنها
جميعا قُوبلت بالرفض المطلق.
وقالت وكالة الأنباء الإسرائيلية وقتها أن “هذا الرفض يعد صفعة لحكام الغرب “.
وفي 31 يناير 1955 تم تنفيذ حكمي الإعدام في موشية مرزوق (دُفن بمقابر
اليهود بالبساتين) وصمويل عازار (دُفن بمقابر اليهود بالإسكندرية) وعلى
الفور أعلنهما موشي شاريت “شهداء”.. ووقف أعضاء الكنيست حددا على وفاتهما
وأعلن في اليوم التالي الحداد الرسمي ونكست الأعلام الإسرائيلية وخرجت
الصحف بدون ألوان وأطلق أسما الجاسوسين على شوارع بئر سبع.
وفي بداية عام 1968 تم الافراج عن سجناء القضية ضمن صفقة تبادل للأسرى مع مصر في أعقاب نكسة يونيو.
وأستقبلوا في إسرائيل “إستقبال الأبطال” ، وتم تعيينهم في الجيش الإسرائيلي كوسيلة مضمونة لمنعهم من التحدث بشأن القضية.
وبعد 20 سنة من أحداث عملية سوزانا ظهرت مارسيل نينو وروبير داسا ويوسف
زعفران للمرة الأولى على شاشة التلفزيون الإسرائيلي وهاجموا الحكومات
الإسرائيلية التى لم تكلف نفسها عناء البحث عن طريقة للإفراج عنهم!!.
إيلى كوهين ..بعد
حصوله على البراءة فى فضيحة لافون هاجر إلى إسرائيل عام 57 ، وهناك تم
تجنيده للعمل جاسوس إسرائيلى فى سوريا ، سافر إلى الأرجنتين تحت ٍإسم رجل
الاعمال السورى ( كامل أمين ثابت ) وهناك تقرب من الجالية السورية ، ثم
سافر إلى سوريا بعد أن أوهم الجميع أنه صفى جميع أعماله فى الأرجنتين من
أجل حنينه للوطن ، إستمر فى سوريا طيلة اربع سنوات يتقرب من ضباط الجيش
والمسئوليين العسكريين ، وإستطاع الحصول منهم على معلومات هامة كانت يرسلها
إلى إسرائيل ..فى عام 65 وبالصدفة شاهد جاك بيتون ( رأفت
الهجان ) صورة لـ كامل ثابت على هضبة الجولان بصحبة عسكريين سوريين ،
فأرسل لمصر رسالة وفيها ( كامل ثابت ما هو إلا جاسوس إسرائيلى إسمه إيلى
كوهين شاهدت صورته عند صديقة يهودية مغربية إسمها ليلى وعندما سألتها عنه
قالت أنه زوج شقيقتى ) ..
فى نفس ليلة وصول رسالة الهجان سافر ضابط من
المخابرات المصرية إلى سوريا وقابل الرئيس أمين الحافظ .. وأبلغه
بالمعلومات المرسلة من العميل المصرى رأفت الهجان
وتم القبض على ايلي كوهين واعدم في 18 مايو 1965 فى ساحة المرجة بـ دمشق.
يقول رأفت الهجان: ” حضرت جنازته في إسرائيل بين رجال الموساد بعد أن
اعلنت الصحف العربية نبأ القبض عليه وإعدامه وشاركت الأصدقاء الحزن على
سقوط (نجمنا) الأسطوري ايلي كوهين”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق