بحث هذه المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger

الاثنين، 13 يناير 2014

فلتحرك مصر عضلاتها


فلتحرك مصر عضلاتها




الأمر جد خطير..مصر تواجه مشكلة حياة أو موت توجب تعاون كل مصري بغض النظر عن الاختلافات السياسية أو الفكرية.
دول منابع النيل جادة فى تخفيض نسبة مصر فى المياه و مصر حكومة وشعبا فى حالة نفسية تشبه حالة مريض أخبره طبيبه أنه تم تشخصيه بمرض قاتل والمريض يضحك معتقدا انه من المؤكد أن هناك خطأ ما وأن هذا التشخيص لشخص آخر وليس له.
مصر تعيش حالة نفسية معروفه فى علم النفس وهي حالة (الإنكار) فلا أحد يريد مواجهة الحقيقة المرة أن شريان حياة مصر بالكامل مهدد وأن مصر عليها الآن أن تواجه واقعا جديدا وهو توفير قطرة المياه.


قبل بدء مشوار النيل الطويل .. اعرض عليكم بعض الحقائق الخفيفة :
نهر النيل
- الإسم مشتق من اللغة اليونانية .. وهي كلمة نيلوس التي تعني ( وادي النهر )
- الطول 6700 كم من منبعه ، وهو أطول نهر في العالم .. يليه نهر الأمازون
- نهر النيل له مصدران : بحيرة فيكتوريا في أوغندا ، وبحيرة تانا في إثيوبيا
- النيل يمر بعدة دول رئيسية .. هي أوغندا - إثيبوبيا - السودان - مصر ، وهناك دول أخرى يمر فيها ولكن بطريقة غير مباشرة .. وهي : كينيا - تنزانيا - رواندا - بوروندي - جمهورية الكونغو
- الدول السابقة الذكر يبلغ عددها 10 دول ، ويُطلق عليها دول حوض النيل .. وتجمعهم منطمة دولية اسمها : إندوجو ( وتعني الإخاء )
- خير نقطة أختم بها هذه النقاط هي أن نهر النيل من أنهار الجنة .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج : رُفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا أربعة أنهار : نهران ظاهران ونهران باطنان ، فأما الظاهران : النيل والفرات ... ) [ رواه البخاري ]

نبدأ معكم الجولة .. ومن لا يحب القراءة فلا يكمل وتكفيه النقاط السابقة ..
كانت الناس قديماً تريد معرفة منبع نهر النيل .. وكانت هناك فرضيات لكنها غير صحيحة .. فهناك من يقول بأنها ثلوج على قمم الجبال .. ومنهم من قال بأنه ينبع من باطن سلسلة جبال في أفريقيا .. إلخ
إلى أن عزم شخص بريطاني اسمه ( John Hanning Speak ) على اكتشاف مصدر النيل .. وذلك منذ 150 سنة بالظبط ( عام 1857 )
وظل مع النيل حتى وصل لنهايته .. وكانت نهايته هي بحيرة فيكتوريا الموجودة في أوغندا .. وهو الذي أطلق عليها هذا الإسم نسبة إلى ملكة بريطانيا في ذلك الوقت





منظر من أمام بحيرة فيكتوريا





منابع النيل الموجودة بالقرب من فيكتوريا





الشلالات هناك بكثرة .. ماء عذب في أطواره الأولى


على البحيرة مدينة أوغندية مشهورة اسمها جنجا .. وهي ثاني أكبر المدن الأوغندية .. عليها منتجعات على النيل ويأتي لها السياح من أوروبا
من هذه المدينة يخرج فرع النيل .. يظل ماشي ماشي ماشي ويعبر على أكثر من بحيرة في الطريق .. كل هذا داخل أوغندا .. إلى أن يدخل السودان ..
يدخل السودان فيكون اسمه في هذه الحالة : بحر الجبل
يلتصق به بحر الغزال فيكونا هما الإثنين فرع اسمه النيل الأبيض ..
يظل النيل الأبيض ماشي حتى يصل للعاصمة الخرطوم ..
توقفوا قليلاً عند هذه النقطة .


في إثيوبيا نجد أن هناك بحيرة اسمها تانا .. يخرج منها فرع اسمه النيل الأزرق .. ويظل ماشي أيضاً حتى يدخل السودان ويصل إلى النقطة التي توقفتم عندها منذ قليل ويلتقي عندها مع النيل الأبيض في الخرطوم .. من هذه النقطة يخرج لنا نهر النيل


يعني بمعادلة بسيطة يمكننا أن نقول :
النيل الأبيض + النيل الأزرق = نهر النيل
ويمكنني كتابتها بلغة الأرقام هكذا :
( 16% ) + ( 84% ) = نهر النيل


ومعنى ذلك أن النسبة الأكبر من ماء نهر النيل هي من إثيوبيا ( النيل الأزرق ) حيث يمد النيل بـ 84% من الماء
ونلخص كل ما سبق بالخريطة التالية :
الرقم ( 1 ) : بحيرة فيكتوريا .. وكما تلاحظون فهي توجد بين أوغندا وكينيا وتنزانيا
يخرج منها فرع النيل من عند مدينة جنجا .. امشوا معه بأعينكم .. خرج الآن من أوغندا ودخل السودان .. خليكم معه حتى يصل للخرطوم وهي النقطة رقم ( 2 )
أما الرقم ( 3 ) فهي في إثيوبيا عند بحيرة تانا ، ومنها سيصل للسودان حتى النقطة السابقة .. نقطة التجمع .. وهي الخرطوم
يدخل مصر من النقطة ( 4 ) عند بحيرة ناصر .. ومنها يمشي كل مصر حتى يصب في البحر المتوسط عند النقطة ( 5 ) ، ولكن قبل أن يصب يكون قد انشق لفرعين .. فرع دمياط وفرع رشيد
المدينة التي يتم فيها التقاء ماء النيل بالبحر المتوسط .. هي مدينة ( رأس البر ) وهي موجودة بالقرب من دمياط
وعندها مزار سياحي جميل جداً .. وعند بداية دخولك ستجد لافتة كبيرة كُتب عليها : مرج البحرين يلتقيان .. بينهما برزخٌ لا يبغيان


نهر النيل في أبهى حالاته في القاهرة
احسبوا عُمر النور في الدنيا .. هايطلع عُمر النيل
النيل بالقرب من كورنيش المعادي


هناك فيلم وثائقي .. أنتجته iMAX ، وفيه تعرض رحلة حقيقة من أوغندا وحتى الإسكندرية
الفيلم إنتاج عام 2005 ، واسمه Mystery of the Nile ، وهذا موقع الفيلم : http://www.nilefilm.com





الأمر لا يخص الحكومة ولا الرئيس ولا الوزراء وحدهم..الأمر يخص كل مواطن مصري ولد وتربى وهو لا يحمل هم شربة ماء وحان الوقت لأن ينتبه أن دوام الحال من المحال وأن الدنيا تتغير وأن أفريقيا 2010 ليست مجموعة من السحرة يرقصون حول النار ويطلون وجوههم بألوان زاهية ولا يعرفون شيئا عن العالم.
هلكت الديناصورات لأنها لم تعرف كيف تتكيف مع عالم متغير ينقص فيه الكلأ وكذلك تهلك الدول وتنقرض الحضارات إذا لم تتغير وتتواءم مع تغيرات الحياة.
أحزنني تهديد أحد السياسيين المصريين باستخدام القوة العسكرية ضد دول منابع النيل وقت الضرورة
. وهو تصريح غير مسؤل وفى غير محله. فحتى إذا افترضنا أن قوة مصر العسكرية الحالية تمكنها من خوض معارك فى أحراش أفريقيا وحتى إذا افترضنا أن إمكانيات مصر المادية تمكنها من بناء قواعد عسكرية دائمة لحماية منابع النيل كما تفعل أمريكا مع البترول
. حتى إذا صح هذا الإفتراض فلا يجب أن ننسى أن الوضع الدولي والتواجد الصيني والأمريكي و الإسرائيلي المكثف فى أفريقيا سيجعل من المستحيل على مصر أن تحصل على قرار واحد من مجلس الأمن يؤيد حقها فى حل عسكري وسينقلب العالم كله ضد مصر إذا قررت شن حرب.
إذا فالحديث عن حل عسكري يأزم المشكلة أكثر وأكثر ويعقد العلاقة مع دول أهملناها لسنين طويلة بسبب قصر نظر سياسة مصر الخارجية.
مصر لها عضلات يجب أن تحركها.. عضلات مصر التي يجب أن تتحرك هى أكثر تأثيرا من عضلات مصر العسكرية..مصر دولة رائدة فى كثير من المجالات..فلماذا لا نستخدم عضلات مصر الناعمة للوصول لقلوب وعقول شعوب هذه الدول الذين نرتبط بهم ارتباطا جغرافيا وتاريخيا بحكم وجود النيل.
لماذا لا نتعلم من إيران الفارسية التي أطلقت قناة العالم العربية للتواصل مع الشعوب العربية ولماذا لم تطلق مصر قناة فضائية تتحدث بلغة وهموم شعوب تلك الدول لفتح قناة حوار ولدعم مواقفنا السياسية والإعلامية ولنضمن وصول صوت مصر لهذه الشعوب.
لماذا لا نتعلم من الصين التي ذهبت لأفريقيا لتقديم خدمات تعدين مجانية وقروض ميسرة لحكومات أحراش أفريقيا فأصبحت الصين دولة صديقة تعمل دول منابع النيل لها ألف حساب وتحمي مصالحها وربما تعادي أمريكا وقوفا فى صف الصين التي حركت عضلاتها الناعمة برشاقة وحصلت على مكاسب استراتيجية وسياسية لم تكن لتحصل عليها لو جندت الصين كل شعبها لغزو أفريقيا.
ربما لا تملك مصر أموالا طائلة تنفقها على شعوب أفريقيا ولكننا نملك الآلاف من العلماء وأساتذة الجامعات الذين لديهم الخبرة والقدرة على انشاء وإدارة جامعات مجانية ناجحة فى دول منابع النيل والطبقات التي ستتعلم فى هذه الجامعة المصرية الرفيعة ستكون هى الطبقة الحاكمة فى المستقبل وستدين بالولاء لمصر.
جامعات مصر العريقة يمكنها أيضا عمل برامج شراكة لجلب طلاب من تلك الدول للدراسة على نفقة الحكومة المصرية
.ولنتعلم من إيران التي فيها جامعات عريقة ولكنها تحاول بشتى الطرق عمل شراكات تعليمية مع جامعة الأزهر رغم الاختلاف فى المذهب.
المؤسسة العسكرية المصرية لديها عضلات ناعمة أيضا يمكنها انشاء مستشفيات يمكن تشغيلها عن طريق آلاف الأطباء الشباب الذين يقضون ثلاث سنوات من عمرهم كضباط احتياط فى الجيش.
ولماذا لا تطلب مصر مثلا من مجدي يعقوب اكبر جراح مصرى فى العالم أن يزور أديس ابابا لعمل عمليات جراحية مجانية لشعبها كهدية من شعب مصر.
لماذا لا نشارك فى بناء كباري وطرق فى أفريقيا وهناك مئات المؤسسات العالمية المعنية بتطوير أفريقيا التي يمكنها توفير المال اللازم إذا وفرت مصر الفكرة و الخبرة والإدارة.
الآلاف من أبناء مصر لديهم خبرات نادرة فى كل المجالات ورغم أن الكثير منهم يعيش خارج مصر إلا أن مصر يمكنها توظيفهم فى برامج شراكة مع حكومات أفريقيا لتقديم خبراتهم وإدارة مشروعات تنموية فى تلك الدول.
عضلات مصر الناعمة ليست فقط حكومية أو عسكرية ولكن هناك دور كبير على منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال فى تأسيس مشاريع تنموية لخدمة شعوب تلك الدول فالمسألة جد خطيرة والتحرك الشعبي مطلوب وأساسي لمساندة أي جهد حكومي.
ليس هناك حل عسكري لمشكلة المياه القادمة..وأمريكا نفسها صاحبة أقوى جيش فى العالم مازالت تعاني فى حروب عصابات لا تنتهي.
أمريكا أيقنت أن عضلاتها الناعمة يمكنها أن تحقق ما لا تحققه قاذفات القنابل فى البلدان الإسلامية فأطلقت برامج شراكة اقتصادية ضخمة لخدمة شعوب العالم الإسلامي والرئيس أوباما طالب بفتح صفحة من التعاون بين أمريكا والعالم الإسلامي لأن الدراسات السياسية تؤكد أن الشراكات بين الشعوب لها تأثير يفوق بكثير الحلول العسكرية ويعطي على المدى البعيد ضغط سياسي على قرارات أي حكومة فيما اصطلح على تسميته بـ"العضلات الناعمة".
نريد أن تعرف شعوب تلك الدول الأفريقية مصر وفضلها وقوتها وتتفاعل شعوبهم مع الشعب المصري فى شراكات متعددة.. فارتباط مصالحنا الإستراتيجية بهم هو ارتباط أبدي مادامت السماوات والأرض.
نريد أن تحس تلك الدول أن مصر دولة صديقة وليست عدوة..نريد أن تحس تلك الدول أن مصر دولة اقليمية كبرى تحمل همومهم وتساندهم فى المحافل الدولية.
الحل المؤثر هو أن تحرك مصر عضلاتها الناعمة..حكومة وشعبا فى تحرك قوي ومبتكر نحو دول أهملناها طويلا وحان الوقت أن نفيق كي تعود (المياه) إلى مجاريها.
ورغم أن مصر نفسها غارقة فى المشاكل وفى حاجة لكل جهد إلا أن ملف المياه هو مسألة حياة أو موت ولا يمكن تأجيله بحجة نقص الإمكانيات أو الموارد.
هناك لحظات فى تاريخ الشعوب يجب أن يتناسى فيها الناس اختلافاتهم ويتوحدون على قلب رجل واحد.
..فالبحر من أمامنا وأفريقيا من خلفنا... فلتحرك مصر عضلاتها الناعمة حكومة وشعبا قبل أن نضطر جميعا أن نشرب من البحر

ليست هناك تعليقات: