بحث هذه المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger

الخميس، 5 ديسمبر 2013

حكاية شامبليون ... وحجر رشيد


حكاية شامبليون ... وحجر رشيد



الحدوتة النهاردة

حكاية شامبليون ... وحجر رشيد

.
كان هناك رجلا فى فرنسا يصرخ بأعلى صوته
وهوه مش خارج م الحمام قائلا :
لقد فككتها ... لقد فككتها
لكن قبل هذا المشهد لازم نرجع فلاش باك لورا
 اكتر من 20 سنة وتحديدا ف السنة اللى فكّر فيها المحروس
 بونابرتا ييجى مصر


رسيت السفن الفرنسية على شط اسكندرية
منجحتش ف اسقاط المدينة الا بعد مقاومة شرسة من اهلها
الاسكندرانية الجدعان اللى دوخوة

وعلى رأسهم محمد كٌريّم
ومن اسكندرية للقاهرة ..
كان فيه سجال ومقاومة من اهالى القرى والمدن ..
و الامر مخلاش من شوية الابندا من امرا المماليك

المهم ف النهاية ..
وصل سى بونابرتا القاهرة ..
وابتدى بقى شغل الشيكا بيكا وبولوتيكا بتاع الغرب على أصوله

أل يا خويا راح دخلك ع المصريين بنصباية عجيبة كدا ..
آل هوه جاى يحارب المماليك الويحشين
 وينصر الأسلام شوف ازاى ؟!
بالظبط زى ملاعيب الخرفان والسلفيين

وآل كمان انه جاى عشان ينصر السلطان العثمانى
 وبنكذ مصر من المماليك ..
ودعا للسلطان باور فامليى اللهى يديم عزه
 و يخليله ولاده وينجحله المقاصد ... !!
وأعلن انه بيحب الأسلام
وادى لنفسه اسم "على"
وعمل ديوان مكون من مشايخ الأزهر ساعتها
 بما لهم من مكانة عند الشعب ونفوذ قرر يستخدمه لصالح الحملة
وف نفس الوقت
 اللى كان بيتمحلس فيه للشعب
ويطمنهم انه جاى للمساعدة وانه مش قاصد شر ..
كان عساكره مبهدلين الدنيا ف كل شبر بيروحوه نهب وقتل !
وكل ما الناس تئن والمشايخ يطالبوا نابليون بإيقاف المدابح
كان هوه بيعمل زى
مرسى المفضوح بالحرف ..

يطلع بيان
واعلان دستورىويقول والله منا  !

وفضل  عسكر نابليون يدخلوا من بلد لبلد ينهبوها
وسط مقاوة من اهلها
وخصوصا الصعيد اللى بيّن كرامة وبهدلوا الفرنساوية
 بهدلوهم يعنى
ودخلنا ف ثورة القاهرة الاولى ..
وفلسع بونابرتا على فرنسا وعّين مكانه كليبر ..
وثارت القاهرة للمرة التانية و انقتل كليبر على ايد سليمان الحلبى
وجه من بعده مينو ..
 اللى سريع سريع .. لمّ التعابين بتوعه ..
 وخدها من قصيره ورجع بالمتبقى من الحملة على فرنسا
 بعد مهادنة مع الأنجليز
 و صفقة
بس الفرنساوية مرجعوش بإيدهم فاضية ..
 دول خرجوا من مصر شايلين ومحمّلين ..
كنوز و خيرات لا تقّدر بتمن
ولأنهم ناس بتفهم
عرفوا يتصيدوا النفائس
جنب الجواهر والتحف والحاجات المادية البحتة ..
 الناس دى كانت بتاعت ثقافة وعلم ..
ولهذا من ضمن ما شالوا وهما مسافرين .. بعض من آثارنا القيمة

وبطل قصتنا النهاردة ...
 ارتبط اسمه بحجر ... اكتشفوه بالصدفة البحتة ...
 ف مكان ما .. على هذه الخريطة
لما عسكر نابليون دخلوا مدينة "رشيد" واقتحموا قلعة قايتباى
اللى بناها السلطان المملوكى على شط النيل ..


القلعة دى كانت نسخة شبه مكررة من اختها اللى ف اسكندرية
 بس على مساحة أصغر ...
وعسكر نابليون لما دخلوها
 قرروا يعملوا شوية تعديلات بسيطة كدا
التعديلات كانت ضرورية عشان يحطوا المدافع بتاعتهم ..
وسموها قلعة "جوليان" عشان صعوبة نطق قايتباى على لسانهم ..
وابتدوا يكسّروا ف بعض الأماكن

والجنود ف وسط التكسير ..
 واحد فيهم شاف حتة حجر سودة كدا شكلها عجيب
 ومش
شبه باقى احجار القلعة ومنحوت عليها حاجات
العسكرى بلغ مهندس الكتيبة ف الوقت دا
وكان اسمه "بوشار"
 والمهندز مكدبش خبر وجه جرى يشوف ايه الحكاية
وحاول يعرف حكاية الحجر  دا ايه بالضبط .. !
بوشار استوعب طبعا
ان المصريين كانوا بيستخدموا الاحجار
 بتاعت المعابد القديمة ف بنا بعض المنشأت
وممكن يكون الحجر دا وصل القلعة بالطريقة دى ..

وبالصدفة كان مهندس الجسور والطرقات بتاع الحملة
 معدى جنب رشيد ..
 راح بوشار نادهله ومفرجّه الحجر ..
 الراجل وقف حيص بيص برضو وقاله مش عارف !!
وذاع وانتشر خبر الحجر
وانتوا عارفين بونابرتا كان جايب معاه مطبعة
وعامل مجلة بتنشر اخبار الحملة اول باول ..
 فالصحفيين لقطوا حكاية الحجر هوا
الكلام دا سنة 1799 و ف هذا التوقيت ف فرنسا..
كان فيه ولد صغنن ابن 9 سنين بيلعب ف حوارى قريته
واسمه جان فرانسوا شامبليون

وشيمبو بقى ودا اسم الدلع بتاعه ..
حضر الثورة الفرنسية وهيا لسه ف عزها
 والناس بتتدبح ف الميادين
والمقصلة تفصل راسهم عن الاجساد وعادى خالص ..
و ف نفس السنة اللى حجر رشيد بيكتشف فيها ..
 كان شيمبو داخل المدرسة ..
 وزى اديسون كدا بالظبط ..
مدرسينه قالوا عليه فاشل وبليد ومبيفهمش حاجة !!
والحقيقة ان الولد كان بليد ف الدراسة ..
 بس كان دماغه ف حاجات تانية اهم بالنسباله
 وأبقى كانت شغلاه وواخداه زى النداهة
كان غاوى قراية وبيعلم نفسه بنفسه
وبعد رجوع الحملة بالكنوز من مصر
ونشر كتاب وصف مصر ..
 الحضارة المصرية بقت عليها العين ومغرية لدارسى الآثار
كان ابن 9 سنين لما اول مرة نشروا عن حجر رشيد ..
وشاملبيون كان عنده مشاكل مع أبوه ..
 فأخده اخوه الكبير يربيه ف بيته ويرعاه
الاخ الكبير ..
كاد يلتحق بعس
كر الحملة لولا ف آخر لحظة عرف يجيب عذر
بس فضل متواصل مع زمايله ومعارفه اللى لما رجعو
حكوا عن مصر
 واللى فيها
شاملبيون كان بيقعد مع اصحاب اخوه الكبير يسمع حواديتهم
وينبهر اكتر واكتر بهذا البلد ..
وهذه الحضارة ..
ويثير فضوله يعرف عنها اكتر واكتر
اخوه الكبير (ربنا يباركله بقى) لما لاقاه مش مبسوط ف المدرسة
وداه يتعلم يونانى ولاتينى ف مدرسة خصوصى ..
وشامبليون أظهر التفوق على صغر سنه
وقبل سن ال17 كان متعلم اللغة القبطية ..
ودارس ف علوم الشرق اللى مبهور بيه وبيحبه ..
وف العشرين شغلوه امين للمجموعة المصرية بمتحف اللوفر !!


كان طول الوقت مشغول
 بحكاية الرموز المصرية القديمة المنحوتة ع المعابد والاحجار
وحجر رشيد كان عامله خُرم ف دماغه
  لامؤاخذة
ايوه بس يا ترى الحجر وقتها كان فين ... ؟!!!
الحجر كان ف عهدة الفرنساوية ..
 بس وقت الرحيل عقدوا صفقة بموجبها
قسموا الغنايم ما بينهم
والحجر وقع ف قرعة الأنجليز

والحجر خرج على متن أحدى سفن الأسطول الانجليزى ..
مبحرا إلى لندن حيث استقر بالمتحف البريطانى
ومخرجش من هناك
 من يومها


الكلام دا 1801 لما مشيت الحملة الفرنسية
وانتهى الصراع العسكرى لكن الصراع الحضارى فضل شغال ..
ودماغ شاملبيون مبتتوقفش عن التفكير ف لغز الحجر
وف سنة 1822 يتوصل شاملبيون
 لنظرية يفك بيها المنقوش ع الحجر .
.. وينجح فعلا ف اثبات النظرية دى للعالم كله
والناس بتوع الآثار وعلم المصريات يفهموا اكتر مننا اكيد ..
بس اللى فهمته طشاش ان الرموز دى صوتية
 وتفهم بالنطق وليس القراية والرسم
الله اعلم


وقبل شاملبيون علماء حاولت تفك الرموز دى وفشلت..
لحد ما جه بطل حكايتنا وفكها وترجمها
وطلعت مراسم تنصيب احد الحكام وقتها
آه ..
 بس يا سيدى والدنيا اتقلبت ع الحاج شيمبو
 وحصل مناقشات علمية بالهبل
و شامبليون قرر يستكمل الإنجاز دا بخطوات لاحقة

شيمبو قرر ينزل مصر ...
عشان يشوف كل حاجة درسها عن هذا البلد العظيم ..
ويقارن الورق والنظرى .. بالواقع العملى
واللى قراه طول عمره عن مصر وولعه بيها
 لدرجة ان اصحابه كانوا مسمينه "المصرى" ..
 هيشوفه اخيرا رؤى العين

وف 1827 يصل شامبليون العاشق لمصر إلى ميناء الأسكندرية ..
 وعلطول يبعتله الداهية الرابض على عرش مصر ..
سى محمد على باشا
والباشا والى مصر يديله صلاحيات يتفسح ف كل حتة ومكان
 مع الحراسة والمال عشان يكمل أبحاثه
ويشوف هيقدر يفيد البلد ازاى
ويبدأ شاملبيون جولاته .. سنة ونص واكتر
واخدها من الجيزة شمالا للأقصر واسوان جنوبا ..
 مسبش مطرح الا وراحه

والحاجات اللى شافها ف الكتب
لما لقاها ع الطبيعة بقى سهل عليه بالرموز
 اللى كشف سرها انه يحدد الفترات الزمنية
 والتواريخ

وتوصل لشوية اكتشافات غير بيها بعض المسلمات التاريخية
اللى كان حاططها علماء الأثار وقتها
 عن المعابد وغيرها ...
والغريب بقى .. ولو انه مش غريب ..
ان شاملبيون هام عشقا ف مصر لدرجة انه اتشبه باهلها
 حتى ف الملبس والعادات
وهوه بنفسه ف مذكراته بيقول انه شعره الأسود
 وملامحه كانت شرقية اكتر منها اوربية
وانه لما ربى شنبه وبقى مصرى خاااالص ..


وانه كان مستمع بالعادات المصرية المتبعة
ومنها شرب الشيشة 3 مرات ف اليوم
و كام فنجان القهوة
 وادينا بوظنا أخلاق الأجانب!

ورغم حرارة الجو ف مطارح كتير خصوصا الصحراوى منها ..
الا ان شيمبو مكنش بيشتكى
وكان بيتحمل الحرّ زيه زى أى مصرى
وكان بيصعب عليه احوال المصريين جدا
 وبيحاول يساعدهم قدر امكانه ازاى يتجنبوا
 ظلم الحاكم ف الوقت دا
وكان محمد على ..

اللى بعت جواسيسه ورا شاملبيون ف كل حتة
عشان يعرف ببعمل ايه وكدا ..
 لحد ما شيمبو خلص مهمته وقرر يرجع على فرنسا
وفعلا سنة 1832 يرجع باريس ..
وطبعا شيشة 3 مرات وفنجاين قهوة وعادات المصريين
وتقاليدهم جابته الارض ..
 والراجل طب فجأة .. جاله شلل نصفى !!
ويتحامل الغلبان على نفسه .. من يناير لحد مارس ..
لحد ما يسجل كل مشاهداته بشكل منظم
 ويعمل كتابه الشهير الخاص بقواعد اللغة المصرية .. ويتمه

وف 4 مارس 1835 يرحل شاملبيون عن عالمنا ..
عن عمر 42 سنة قد تبدو قصيرة لكنها مثمرة
وعدد سنواتها مضروب ف أضعاف أضعاف
ولمعرفتهم بحبه وهيامه الشديد بمصر ...
 فوق قبره يحطوا مسلة ...
بدل الشواهد العادية اللى كانت معروفة وقتها .. !!

ويذهب العاشق لمصر
ويبقى اسمه خالدا ..
وكام ملحوظة ع الماشى ... 
قبل ما أمشى
قصة شاملبيون دى بتخلينى أستوضح وبشدة ..
الفارق بين المنافق والصادق ..
واقصد بالمنافق سى بونابرتا اللى عمل شيخ الأسلام
وقال انا منكم وتبعكم وبحبكم ...
ومعرفش الصورة دى كانت ناقصاه الصراحة
اما الصادق .. فهو رجل العلم الحقيقى
 اللى انبهر بفكرة ومشى وراها لحد ما يتأكد من حقيقتها او عدمها
وأقصد بيه شامبليون
وهذا الرجل انغمس ف الحياة المصرية بحق ..
معش النظريات من برج عاجى واستعلى على المكان وناسه
وبالعكس كان رحيم بيهم
ودى قيم رجل العلم بحق
وبعدين احنا مش هنبطل الداء المدهول
 بتاع ان كل ما ييجى حد عندنا نفسد أخلاقه ونبوظه كدا ..
يعنى هل .. امه كانت عارفة انه بيشرب شيشة ؟!!!
وصحيح عادتنا الحيلوة دى ...
 جابتله الكافية وفلسع بدرى بدرى ..
بس برضو ملحوقة .. 
واهى كتبت لأسمه الخلود ...
واسمه اصبح مقترنا بالزمن والناس والبلد اللى حبها
ووقع ف غرامها من ع البعد
وقبل حتى ما يزورها ..
ويمكن من الحسنات القليلة التى يمكن ان نذكرها للحملة الفرنسية
 اللى بعترت كرامت مصر وبهدلت اهلها ...
هيا كتاب وصف مصر 
واكتشاف الحجر 
والمطبعة
وصحيح الفرنساوية شأنهم شأن أى غاصب محتل
استفادوا مننا اضعاف اضعاف 
ما احنا شوفنا أى خير منهم
 ولو بالخطا ..
 لكن هذا يذكرنى بقى بأين اشيائى ؟؟
اين حجر رشيد ولماذا لا يعود ؟؟؟ ...
ولسه فاكرة من مدة مش بعيد قوى لما فاروق حسنى
كان عاوز يعمل هيصة بمنسبة مرور 200 سنة
على مجى الحملة مصر
وساعتها ناس هبتّ فيه وقالتله اختشى
نحتفل بالإحتلال وما أصاب مصر من نكبة وسرقة لكنوزها ..
 طب كنت اتشطر وهات آثارنا اللى عندهم وبعدين احتفل !!
والحاج روقة مسك الوزارة ومشى ..
 واتشال ف ثورة وحاكموه وخد براءة ..
واكم من أثار وكنوز اتنهبت ف عهده المديد
ولا أجدع احتلال كان يقدر يعملها !
واخيرا ... 
وبعيدا ..
وف سياق آخر خالص ...
بمناسبة كتاب وصف مصر اللى اعتمد شامبليون
على كتير من رسومه
و معلوماته .. عاوزة أسأل عن حاجة


هذا الكتاب ..
 مرجعية نادرة لحياة مصر بكل اشكالها ف هذا التوقيت
 النباتات والحيوانات والعمارة من بيوت ومساجد وشوارع ..
 وكمان توثيق للبشر
هذه النوعية من الكتب ...
مع لوحات الفنانين اللى صاحبوا الحملة .. او جم بعدها اوقبلها
 والمهم رسموا لوحاتهم ..

الناس دى اللى وثقت بلوحاتها الشوارع والبيوت
والملابس والعادات والتقاليد

الناس دى اللى خلتنى أبص ف اللوحة ..
 أستحضر التاريخ ف ثانية وأقول من قلبى ... الله

الناس دى اللى بإحساس مرهف سجلت لقطة تقول ازاى
 كان فينا انسانية وجمال 
وطيبة رغم كل القسوة ..
هل ينفع بعد ما قدمهوه ..
ييجوا الغربان وطيور الظلام بتوع دلوقتى
ويقولوا ان الفن حرام و عيب والكلام الاهطل دا ... !!!


وابقوا فكرونى نعمل ليلة 
عن لوحات الفنانين 
اللى جم مصر 
وانبهروا 
ورسمونا 
كأروع ما يمكن
وكالعادة .. ف نهاية كل حكاية ...
يروح الظلم والظالمين .. ويبقى ما ينفع الناس ..
وهوه اللى يمكث ف الأرض

ليست هناك تعليقات: